قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها"


الحديث
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها"
شرح الحديث
(من كتاب: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها, للشيخ محمد ناصر الدين الالبانى)
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ".

(عن أنس)

رواه الإمام أحمد (3 / 183، 184، 191) وكذا الطيالسي (رقم 2068) والبخاري في " الأدب المفرد " (رقم 479) وابن الأعرابي في " معجمه " (ق 21 / 1) عن هشام بن زيد عنه.
وهذا سند صحيح على شرط مسلم، وتابعه يحيى بن سعيد عن أنس. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (316 / 1) .
وأورده الهيثمي في " المجمع " (63 / 4) مختصرا وقال:
" رواه البزار ورجاله أثبات ثقات ".
وفاته أنه في " مسند أحمد " بأتم منه كما ذكرناه.
(الفسيلة) هي النخلة الصغيرة وهي (الودية) .
ولا أدل على الحض على الاستثمار من هذه الأحاديث الكريمة، لاسيما الحديث الأخير منها فإن فيه ترغيبا عظيما على اغتنام آخر فرصة من الحياة في سبيل زرع ما ينتفع به الناس بعد موته فيجري له أجره وتكتب له صدقته إلى يوم القيامة.
وقد ترجم الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله " باب اصطناع المال " ثم روى عن الحارث بن لقيط قال: كان الرجل منا تنتج فرسه فينحرها فيقول: أنا أعيش حتى أركب هذه؟
فجاءنا كتاب عمر: أن أصلحوا ما رزقكم الله، فإن في الأمر تنفسا.


وقد روى ابن عساكر في " تاريخه " (13 / 264 / 2) بسند صحيح عن عمرو بن دينار قال: دخل عمرو بن
العاص في حائط له بالطائف يقال له: (الوهط) (فيه) ألف ألف خشبة، اشترى كل خشبة بدرهم! يعني يقيم بها الأعناب.
هذه بعض ما أثمرته تلك الأحاديث في جملتها من السلف الصالح رضي الله عنهم.
وقد ترجم البخاري في " صحيحه " للحديثين الأولين بقوله:
" باب فضل الزرع إذا أكل منه ".
قال ابن المنير:
" أشار البخاري إلى إباحة الزرع، وأن من نهى عنه كما ورد عن عمر فمحله ما إذا شغل الحرث عن الحرب ونحوه من الأمور المطلوبة، وعلى ذلك يحمل حديث أبي أمامة المذكور في الباب الذي بعده ".
قلت: سيأتي الكلام على الحديث المشار إليه في المقال الآتي إن شاء الله تعالى.

فتاوى من موقع الاسلام سؤال وجواب 
(موقع الإسلام سؤال وجواب موقع دعوي، علمي، تربوي، يهدف إلى تقديم الاستشارات والإجابات العلمية المؤصلة بشكل وافر وميسر، ويقوم بالإشراف على هذه الإجابات الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله)


الجمع بين حديث ( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ) ، وحديث : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ، إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ )

السؤال


في الحديث '' إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها " . و في الحديث : '' لا تقوم الساعة على مؤمن '' ، أو : " لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق '' ، فأنا فهمت بعض التضاد والعياذ بالله . ففي حديث : يقال إن الساعة لا تقوم إلا على الكفار ، أو آخر علامات الساعة أصح ، لا تقوم على مؤمن ، وهذا من رحمة الله ، فكيف في الحديث الأخر يقال إذا قامت الساعة وفي يد '' أحدكم '' ، فهل هي تعود على المؤمنين ، ومعناها أن الساعة تقوم على المؤمنين ؟
نص الجواب

الحمد لله
أولا :
النصوص الشرعية لا يضاد بعضها البعض ، وإنما يوافق بعضها بعضا ويصدق بعضها بعضا .
وانظر جواب السؤال رقم : (147330).
ثانيا :
روى أحمد (12902) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (479) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1216) ، والبزار في "مسنده" (7408) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ) .
ولفظ أحمد : ( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ) .
وصححه الألباني في "الصحيحة" (9) .
وروى مسلم (2949) عن ابن مسعود عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ ، إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ ) .
وروى مسلم أيضا (148) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللهُ ، اللهُ ) .
وللجمع بين الحديث الأول والحديثين بعده وما في معناهما عدة أوجه ، منها :
أولا :
أن يكون المراد بقيام الساعة حصول أشراطها الكبرى المؤذنة بقرب قيامها ؛ قال تعالى : ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) محمد/ 18؛ فيكون المعنى : لا يمنعكم قرب قيام الساعة من العمل والسعي في الأرض وعمارتها .
قال المناوي رحمه الله :
" أَرَادَ بِقِيَام السَّاعَة أماراتها بِدَلِيل حَدِيث : " إِذا سمع أحدكُم بالدجال وَفِي يَده فسيلة فليغرسها فَإِن للنَّاس عَيْشًا بعد " ، ومقصوده الْأَمر بالغرس لمن يَجِيء بعد ، وَإِن ظَهرت الأشراط وَلم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا الْقَلِيل " انتهى من "التيسير" (1/ 372) .
وروى البخاري في "الأدب المفرد" (480) عن داود بن أبى داود قال : " قال لي عبد الله بن سلام : إن سمعت بالدجال قد خرج وأنت على وَدِيَّة تغرسها ، فلا تعجل أن تصلحها ؛ فإن للناس بعد ذلك عيشا " .
ثانيا :
أنه كلام خرج منه صلى الله عليه وسلم مخرج ضرب المثل الذي يراد لمعناه ، فكأنه يقول : إذا يئست من ثمرة العمل أن تحصلها ؛ فلا تترك العمل ، عسى أن تنفع ثمرته غيرك ، فلا يقتصر همك في الحياة على مجرد حاجاتك ، ولكن اعمل لك ولمن بعدك .
عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : " سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي : ما يمنعك أن تغرس أرضك ؟ فقال له أبي : أنا شيخ كبير أموت غدا ، فقال له
عمر : أعزم عليك لتغرسنها ؟ فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي ".
انظر "الصحيحة" (1 /8) .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (11902) ، والسؤال رقم : (91794) .
والله أعلم .











تعليقات