قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل ".


الحديث
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل ".
شرح الحديث
(من كتاب: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها, للشيخ محمد ناصر الدين الالبانى)

عن أبي أمامة الباهلي قال - ورأى سكة وشيئا من آلة الحرث فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل ".

التكالب على الدنيا يورث الذل:

ذكرت في المقال السابق بعض الأحاديث الواردة في الحض على استثمار الأرض، مما لا يدع مجالا للشك في أن الإسلام شرع ذلك للمسلمين ورغبهم فيه أيما ترغيب.
واليوم نورد بعض الأحاديث التي قد يتبادر لبعض الأذهان الضعيفة أو القلوب المريضة أنها معارضة للأحاديث المتقدمة، وهي في الحقيقة غير منافية له، إذا ما أحسن فهمها، وخلت النفس من اتباع هواها!


" باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع، أو مجاوزة الحد الذي أمر به ".
فإن من المعلوم أن الغلو في السعي وراء الكسب يلهي صاحبه عن الواجب ويحمله على التكالب على الدنيا والإخلاد إلى الأرض والإعراض عن الجهاد، كما هو مشاهد من الكثيرين من الأغنياء.
ويؤيد هذا الوجه قوله صلى الله عليه وسلم:
" إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ".

وهو حديث صحيح لمجموع طرقه، وقد وقفت على ثلاث منها كلها عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعا:
الأولى: عن إسحاق أبي عبد الرحمن أن عطاء الخراساني حدثه أن نافعا حدثه عن ابن عمر قال: فذكره.
أخرجه أبو داود (رقم 3462) والدولابي في " الكنى " (2 / 65) وابن عدي في " الكامل " (256 / 2) والبيهقي في " السنن الكبرى " (5 / 316) .
وتابعه فضالة بن حصين عن أيوب عن نافع به.

رواه ابن شاهين في جزء من " الأفراد " (1 / 1) وقال قوله صلى الله عليه وسلم:
" لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا ".

رواه الترمذي (4 / 264) وأبو الشيخ في " الطبقات " (298) وأبو يعلى في " مسنده " (251 / 1) والحاكم (4 / 222) وأحمد (رقم 2589، 4047) والخطيب (1 / 18) عن شمر بن عطية عن مغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه عن ابن مسعود مرفوعا.

وحسنه الترمذي

فتاوى من موقع الاسلام سؤال وجواب 
(موقع الإسلام سؤال وجواب موقع دعوي، علمي، تربوي، يهدف إلى تقديم الاستشارات والإجابات العلمية المؤصلة بشكل وافر وميسر، ويقوم بالإشراف على هذه الإجابات الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله)


الجمع بين حديث ( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ) ، وحديث : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ، إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ )


السؤال


في الحديث '' إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها " . و في الحديث : '' لا تقوم الساعة على مؤمن '' ، أو : " لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق '' ، فأنا فهمت بعض التضاد والعياذ بالله . ففي حديث : يقال إن الساعة لا تقوم إلا على الكفار ، أو آخر علامات الساعة أصح ، لا تقوم على مؤمن ، وهذا من رحمة الله ، فكيف في الحديث الأخر يقال إذا قامت الساعة وفي يد '' أحدكم '' ، فهل هي تعود على المؤمنين ، ومعناها أن الساعة تقوم على المؤمنين ؟
نص الجواب

الحمد لله
أولا :
النصوص الشرعية لا يضاد بعضها البعض ، وإنما يوافق بعضها بعضا ويصدق بعضها بعضا .
وانظر جواب السؤال رقم : (147330).
ثانيا :
روى أحمد (12902) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (479) ، وعبد بن حميد في "مسنده" (1216) ، والبزار في "مسنده" (7408) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفِي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا ) .
ولفظ أحمد : ( إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا ) .
وصححه الألباني في "الصحيحة" (9) .
وروى مسلم (2949) عن ابن مسعود عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ ، إِلَّا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ ) .
وروى مسلم أيضا (148) عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللهُ ، اللهُ ) .
وللجمع بين الحديث الأول والحديثين بعده وما في معناهما عدة أوجه ، منها :
أولا :
أن يكون المراد بقيام الساعة حصول أشراطها الكبرى المؤذنة بقرب قيامها ؛ قال تعالى : ( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا ) محمد/ 18؛ فيكون المعنى : لا يمنعكم قرب قيام الساعة من العمل والسعي في الأرض وعمارتها .
قال المناوي رحمه الله :
" أَرَادَ بِقِيَام السَّاعَة أماراتها بِدَلِيل حَدِيث : " إِذا سمع أحدكُم بالدجال وَفِي يَده فسيلة فليغرسها فَإِن للنَّاس عَيْشًا بعد " ، ومقصوده الْأَمر بالغرس لمن يَجِيء بعد ، وَإِن ظَهرت الأشراط وَلم يبْق من الدُّنْيَا إِلَّا الْقَلِيل " انتهى من "التيسير" (1/ 372) .
وروى البخاري في "الأدب المفرد" (480) عن داود بن أبى داود قال : " قال لي عبد الله بن سلام : إن سمعت بالدجال قد خرج وأنت على وَدِيَّة تغرسها ، فلا تعجل أن تصلحها ؛ فإن للناس بعد ذلك عيشا " .
ثانيا :
أنه كلام خرج منه صلى الله عليه وسلم مخرج ضرب المثل الذي يراد لمعناه ، فكأنه يقول : إذا يئست من ثمرة العمل أن تحصلها ؛ فلا تترك العمل ، عسى أن تنفع ثمرته غيرك ، فلا يقتصر همك في الحياة على مجرد حاجاتك ، ولكن اعمل لك ولمن بعدك .
عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : " سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي : ما يمنعك أن تغرس أرضك ؟ فقال له أبي : أنا شيخ كبير أموت غدا ، فقال له
عمر : أعزم عليك لتغرسنها ؟ فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي ".
انظر "الصحيحة" (1 /8) .
راجع للفائدة إجابة السؤال رقم : (11902) ، والسؤال رقم : (91794) .
والله أعلم .





الشيخ محمد بن صالح العثيمين:





الشيخ مُحمّد نَاصِـر الّدِّيـن الأَلْــبَــانِـي:




الشيخ صالح الفوزان:








تعليقات